الديموغرافية هي علم إحصائي اجتماعي وحيوي، يعتمد على دراسة مجموعة من الإحصاءات حول الأفراد وبالطبع يمكن القول أن الدراسات السكانية تعتبر هي الطريقة المبدئية لفهم كيف يسير المجتمع البشري، وتكمن أهميتها القصوى في تقدير الميول المستقبلية لحدوث أي تغيير سكاني، لذلك سنتعرف على علم من أبرز وأهم علوم الإجتماع وهو علم الديموغرافية، فما هو مفهومه وتاريخه، وأيضاً خصائصه ونظرياته المختلفة.
ما هو مفهوم الديموغرافية
الديموغرافية أو ما يعرف بعلم السكان أو الدراسات السكانية هي فرع من فروع علم الاجتماع والجغرافيا البشرية، يتمثل في دراسات علمية لبعض خصائص السكان وذلك في الحجم والتوزيع والكثافة والتركيب والإنجاب والوفيات والهجرة، بالإضافة إلى الحالات الاقتصادية والاجتماعية ومستوى الدخل ونسب الأعمار وكذلك الجنس، والهدف من تلك الدراسات السكانية هو معرفة سبب امتلاك العائلات لعدد أطفالها وأيضاً معرفة الأسباب المؤدية لزيادة نسب الوفيات، وأسباب الهجرة والتوزيع الجغرافي، ويمكن الهدف من كل ذلك هو تحديد الاحتياجات البشرية الحالية والمستقبلية.
تاريخ الديموغرافية
يعتبر ابن خلدون أبو الدراسات السكانية لتحليله الاقتصادي للمؤسسة الاجتماعية الذي أنتج أول عمل علمي ونظري عن السكان والتنمية وديناميكا الجماعات، وقد وضعت مقدمته الأساس لملاحظاته عن دور الدولة والإتصالات والدعاية في التاريخ وتعود البدايات التاريخية لعلم الديموغرافية كما يلي:
- أولاً تم وضع أول إحصائية ديموغرافية لأعداد الوفيات في عام 1662م على يد جون غرونت وذلك عن طريق دراسة سجلات القتلى الأسبوعية، والتي تعود إلى القرن السادس عشر الميلادي ثم بعدها قام غرونت بتقدير النسب الرقمية وقام بتوزيعها بين الإناث والذكور وأضاف إليها أيضاً بعض معدلات الولادة والوفيات لمدينة لندن والمناطق الريفية.
- ثانياً تعتبر دراسات جون غرونت هي الأشهر في عمليات التحليل الديموغرافي وبالطبع أدى ذلك إلى تأثر العديد من الباحثين بها. مثل يوهان سييلش وغوتلش أوردنونج، ثم قاموا بتحليل أعداد ما يقارب 1056 شخصاً في بعض المحافظات والمدن في بروسيا ونتج عن ذلك صدور أوول جدول إحصائي لسكان بروسيا في عام 1765م.
- ثالثاً ثم ظهرت بعض التطورات في أوروبا في القرن الثامن عشر الميلادي مثل الاهتمام بالرعاية الصحية والتأمين على الحياة. ونتج عن ذلك زيادة الوعي بضرورة توفير سجلات بها مجموعة الاحصائيات المهمة تشمل المواليد والوفيات.
- رابعاً استمر تطور الدراسات الديموغرافية في القرن التاسع عشر خصوصاً بمتابعة معدلات الولادة والوفاة وكذلك معدلات الاحصائيات بين الحربين العالميتين.
خصائص الديموغرافية
الديموغرافية تتميز بمجموعة مهمة من الخصائص ومن أهم هذه الخصائص ما يلي:
- وضع الدراسات والأبحاث الديموغرافية حول الناس مثل معرفة عدد الأطفال و التعداد السكاني للمجتمع، مما يساهم في تحديد الحاجات العامة والمستقبلية.
- مراقبة الاختلافات في حجم السكان والتي تشمل متابعة معدلات المواليد والوفيات والهجرة بالإضافة إلى معرفة أسباب الانتقال الجغرافي.
- متابعة النمو والتغير الخاص في الهيكلية السكانية.
نظريات الديموغّرافية
تهتم الديموغرافية بمجموعة من النظريات التي تعتمد بشكل كبير على دراستها، ومن أهم وأبرز هذه النظريات ما يلي:
- أولاً نظرية مالتوس: تتمثل تلك النظرية في دراسة مبادئ السكان وتعتبر علامة مميزة في تاريخ الدراسات السكانية وموضوع النظرية يتلخص في أن السكان يميلون إلى النمو بسرعة كبيرة، مما يؤدي إلى ظهور العديد من العقبات أمام التقدم و التطور البشري، ونشأ مؤخراً ما يعرف بنظرية مالتوس الجديدة وتبين لنا أن أعداد الناس أكثر من الموارد المتوفرة وبالتالي ينتج عن ذلك انتشار المجاعات في جميع أنحاء العالم.
- ثانياً نظرية التحول الجغرافي: يوجد لتلك النظرية تفسيران مهمان وهما كالآتي:
- تفسير فرانك نوتسين: يتمثل في قول فرانك أن كل دولة تمر بثلاث مراحل من النمو و التطور السكاني وهما: ارتفاع معدل الولادة يقابله ارتفاع معدل الوفاة، ارتفاع معدل الولادة يقابله انخفاض معدل الوفاة ويسمي الانفجار السكاني، انخفاض معدل الولادة يقابله انخفاض معدل الوفاة.
- تفسير بلاكر:قسم بلاكر هذه النظرية إلى خمس مراحل وهي كالآتي:
- المرحلة الثابتة العليا وهي مرحلة يرتفع فيها معدل الولادة والوفيات.
- مرحلة التوسع وهي مرحلة يرتفع فيها معدل الولادة وتكون نسبة الوفيات مرتفعة ولكن معدلها منخفض.
- مرحلة التوسع المتأخر وهي مرحلة ينخفض فيها معدل الولادة ويرافقها انخفاض معدل الوفيات بسرعة كبيرة.
- المرحلة الثابتة الدنيا وهي مرحلة تشهد تعادلاً بين معدلات الولادة والوفيات فتصبح جميعها متساوية معاً.
- المرحلة المنخفضة وهي مرحلة ينخفض فيها معدل الوفيات والولادة ولكن عدد الوفيات يكون أكثر من عدد المواليد.
أهمية الديموغرافية
يمكن تحديد أهمية علم الديموغرافية كما يلي:
- يعمل علم الديموغرافية على توفير مرجعية معلوماتية بالوضع السكاني للمجتمع فهو يعطي صورة واقعية عن خصائص السكان واتجاهات النمو. وكذلك معدلات المواليد والوفيات والتركيب العمري مما يجلعه مصدراً مهماً للتخطيط والتنمية.
- يساعد في تحديد وإبراز الجوانب المتعددة والمتداخلة لفهم السكان وبالتالى يمثل هذا العلم أهمية خاصة في كونه داعمًا للعلوم الأخرى من جهة ومستفيدًا منها من جهة أخرى.
- إن الاهتمام بالسكان يعنى الاهتمام بأهم مكون من مكونات المجتمع ألا وهو الإنسان وهذا ما يعطي لها أهمية خاصة.
- تساعد الدراسات السكانية على توظيف وتسخير موارد المجتمع بصورة محسوبه ومقدره تقديراً دقيقًا مما يساعد على تجنب الهدر في الموارد والإمكانيات.
